Tuesday, March 12, 2013

طب البيطرة

 



البيطرة veterinus كلمة لاتينية تعني الحيوان، أما كلمة طب بيطري veterinarius فهي أيضاً كلمة لاتينية تعني طب الحيوان، وتتضمن الاعتناء بالحيوان ودراسة أمراضه وتشخيصها ومعالجتها، وحماية الإنسان من الأمراض المشتركة المنتقلة من الحيوان إلى الإنسان.
أما اصطلاح الطب البيطري، فأول ما وجد في المخطوطات الرومانية وخاصة كولوميلا Columella «الزراعة في القرن الأول الميلادي».
والطب البيطري علم يعتمد على عدد من العلوم الأساسية (منها علوم الحيوان والنبات والفيزياء والكيمياء)، والعلوم التمهيدية (ومنها علوم التشريح والنسج والجنين والفيزيولوجيا والأحياء الدقيقة وغيرها) والعلوم الطبية (الأمراض والتشخيص والعلاج والجراحة وغيرها).
لمحة تاريخية
شهد الطب البيطري اهتماماً كبيراً في كثير من بلدان الحضارات القديمة. فقد عرفه قدماء المصريين واستخدموا أسساً محددة لفحص اللحوم ولمعالجة الحيوانات المريضة. وتأثر الطب البيطري في اليونان القديمة بالسحر، وأشار أبوقراط (460-375 ق.م)Hiopocrates إلى التشريح المقارن وبعض الأمراض المشتركة، مثل داء الأكياس المائية الذي ينتقل من الكلب إلى المجتراتوالإنسان. وشهد الطب البيطري اهتماماً كبيراً في بلدان أخرى مثل الهند واليابان والصين وإيران، وكان له أهمية كبيرة في عصر الحضارة الإسلامية. وكان أبو بكر الرازي أول من طالب بتجريب الأدوية على الحيوان قبل وصفها للإنسان، وأول من استعمل الخيوط المصنعة من أمعاء الحيوانات في العمليات الجراحية. وكتب أبو يوسف يعقوب بن أُخيّ حزام «الخيال والبيطرة». وأبدع أبو زكريا يحيى بن العوام الإشبيلي (ت نحو 580هـ) في مجال الزراعة وطب الحيوان في الأندلس. كما وضع علي بن داوود الرسولي كتاباً عن «الأحوال الكافية والفصول في علم البيطرة»، وأبو بكر بن بدر الدين الذي ألف كتاباً عن الخيل أسماه «الناصري»، ويعد أكمل ما كتب عن الطب البيطري في القرون الوسطى، وترجم إلى الفرنسية. وقد اهتم الأوربيون منذ العصور الوسطى بأمور ومواضيع الطب البيطري ونقلوا إلى لغاتهم منجزات الحضارة العربية الإسلامية ودرسوها دراسة دقيقة ووضعوا عنها كتباً كثيرة، وترافق ذلك مع تطور المعرفة في العلوم الأخرى، كعلوم التشريح والفيزيولوجية والأمراض والأدوية وغيرها، حتى وصلت إلى ما نعرفه في الوقت الحاضر من تقدم كبير.
متطلبات التخصص في الطب البيطري
يتطلب التخصص في الطب البيطري دراسة علوم كثيرة منها ما هو أكاديمي كعلوم تشريح الحيوان والأجنة والنسج والفيزيولوجيا والكيمياء الحيوية والتشريح المقارن والمرضي وهيئة الحيوان وسياسته والجراثيم والفيروسات وغيرها، ومنها السريري التطبيقي.
أما التخصصات السريرية (الإكلينيكية) فهي:
 1ـ علم الأمراض الباطنة وطرق تشخيصها ومعالجتها، كأمراض الجهاز الهضمي وملحقاته، وأمراض القلب وجهاز الدوران، وأمراض الجهاز البولي.
 2ـ أمراض الجلد وملحقاته (الصوف والشعر والوبر) ويشمل الأمراض التحسسية والأمراض الفطرية والأمراض الطفيلية الخارجية وعواملها.
 3ـ أمراض العين والأذن والأنف وجراحتها ومعالجتها، وكذلك أمراض الفم والأسنان والبلعوم وجراحتها ومعالجتها.
 4ـ أمراض عسر الولادة وانخفاض الإخصاب والعقم، وتشمل معالجة حالات عسر الولادة، وتقطيع الجنين والعمليات القيصرية وانقلاب الرحم، ونقص معدلات الإخصاب والعقم، وكذلك الأمراض التناسلية المعدية، كالإجهاض المعدي والإجهاض الوبائي والإجهاض المستوطن.
 5ـ الأمراض المعدية وتشمل:
ـ الأمراض المعدية الجرثومية.
ـ الأمراض الفيروسية.
ـ الأمراض الطفيلية وعواملها الممرضة الداخلية.
ـ أمراض الريكتيسيات: كالأنابلازما التي تصيب الكريات الحمر.
ـ الأمراض الفطرية: ومنها ما يصيب الجلد، ومنها ما يصيب الأجهزة الداخلية.
ـ الأمراض البريونية وهي التي تسببها البريونات، مثال مرض جنون البقر.
ـ أمراض الدواجن، جرثومية وفيروسية وطفيلية مختلفة.
وأما الجراحة والمعالجات الجراحية فتشمل:
تشخيص العرج ومعالجته في جميع أنواع الحيوانات، ولاسيما الخيول وأمراض الحافر الأظلاف وإصاباتها، وإصابات المفاصل والكسور والتشخيص والمعالجة باستعمال الأشعة بأنواعها ومعالجة الجروح وتشخيص الأورام الداخلية والخارجية واستئصالها، والخصي واستئصال المبايض والعمليات القيصرية والفتوق بأنواعها وعملية فتح الكرش في المجترات وعمليات العيون والآذان وكسور الفكين.
أما مراقبة اللحوم والأغذية ومعاينتها فتشمل :
 1ـ فحص الحيوانات المعدة للذبح للتأكد من خلوها من الأمراض، ثمَ فحص الذبائح والأحشاء للتأكد من خلوها من الأمراض، وخاصة ما ينتقل منها إلى الإنسان عن طريق اللحوم ومشتقاتها.
 2ـ مراقبة الأغذية، وخاصة ذات المنشأ الحيواني، كالسجق والنقانق واللحوم المحفوظة بالتعليب أو التبريد أو التجفيف أو التدخين، وكذلك الأسماك والألبان ومشتقاتها.
وأما التشخيص المخبري فيشمل الفحوص الدموية والمناعية والهرمونية والجرثومية والفيروسية والطفيلية وفحص البراز والبول والتشخيص المرضي النسيجي.
وهناك التخصصات النوعية التي تشمل أمراض الخيول والمجترات والحيوانات المنزلية (الكلاب والقطط وطيور الزينة) وأمراض الدواجن والتشخيص المخبري وغيرها.
دور الطب البيطري في تحضير الأدوية والمصول واللقاحات المختلفة
للطب البيطري دور كبير في تحضير اختبارات الأدوية، فهي تجرب على الفئران والسمور والأرانب والقطط والكلاب إذا لزم الأمر، وعلى الحيوانات الكبيرة كالحصان والأبقار، وكذلك فإن بعض الأدوية، ولاسيما الهرمونات كانت تؤخذ من بعض الحيوانات، كالإنسولين ومصل دم الفرس الحامل pregnant mare serum الذي يحتوي على الهرمونات المنشطة للمبيضين. كما تستعمل الحيوانات أو المنابت الخلوية لتحضير المضادات الفيروسية كالإنترفيرون interferone الذي يستعمل في علاج الأمراض الفيروسية.
أما دور الطب البيطري في تحضير المصول فيشمل المصول التشخيصية والمصول العلاجية:
أ ـ المصول التشخيصية: تحضر من بعض الحيوانات، وخاصة الأرانب، كالمصول التي تستعمل في تشخيص السالمونيلة والباستيريله وغيرها. وكذلك المصول التي تستخدم في تشخيص الكثير من الأمراض الفيروسية باستخدام اختبار التعادل المصلي وغيره.                
ب ـ المصول العلاجية لبعض الأمراض في الإنسان والحيوان، إذ تحضر عن طريق الحقن التدريجي بالعامل المسبب للمرض المراد تحضير المصل المضاد له كالمصل المضاد للكزاز.

وأما دور الطب البيطري في تحضير اللقاحات والمستضدات antigens فيشمل تحضير معظم اللقاحات البشرية أو البيطرية عن طريق إضعاف العامل المسبب بتمريره في أجنة البيض أو المنابت الخلوية المحضرة من أعضاء بعض الحيوانات، أو أجنتها أو أجنة الطيور، كلقاح الجدري بأنواعه، البشرية والبيطرية، ولقاح داء الكلب والحمى القلاعية وغيرها.
وتحضر المستضدات الجرثومية والفيروسية والذيفانية بزرع الجراثيم في المنابت الصناعية أو في أجنة بيض الطيور أو المنابت الخلوية، أما الفيروسات فتحضر بزرعها وإنمائها في أجنة بيض الطيور أو المنابت الخلوية أو الحقن في حيوانات التجارب، ثم يصار إلى نزع فعاليتها بأحد المواد، كالفورمالين أو الفينول أوغيرهما، مع الإبقاء على خواصها المستضدية، لتستعمل في تشخيص الأمراض بوساطة الاختبارات المصلية أو باستعمال جهاز المقايسة المناعية elisa. كما تستعمل المستضدات على نطاق واسع لقياس مستوى المناعة عند الانسان وجميع أنواع الحيوانات والدواجن.
التطورات الحديثة في الطب البيطري
تطورت العلوم الطبية، بما فيها الطب البيطري، في النصف الثاني من القرن العشرين، فاكتشف الكثير من الأمراض التي لم تكن معروفة، وخاصة في مجال الدواجن، كمرض الجامبورو الذي يضعف مناعة الطيور المصابة إضافة إلى تأثيراته المميتة، ومتلازمة انتفاخ الرأس، ومتلازمة النفوق المفاجىء، وفقر الدم المعدي عند الدجاج، ومتلازمة التقزم أو سوء الامتصاص، وغيرها.
وقد واكب ذلك تطور كبير في اكتشاف اللقاحات وتحضيرها وإنتاجها وطرق استعمالها، وكذلك الأدوية، وخاصة الأنواع الجديدة من المضادات الحيوية (الصادات)، وكذلك مضادات داء الأكريات، وخاصة مجموعة حاملات الأيونات ionophore. وتطورت تقانات وأجهزة تشخيص الأمراض وخاصة ما يعتمد منها على أنواع متعددة من الأشعة والأمواج فوق الصوتية، وكذلك استعملت أشعة الليزر في معالجة بعض الحالات المرضية مثل نزوف العين وغيرها. وتطور التشخيص المخبري فصارت تحاليل كثيرة تجرى بوساطة الطيف الضوئي، وتطور علم الجراحة، فصارت عمليات فتح البطن وغيرها تجرى للخيول المرتفعة الثمن.
وتطور علم المناعة، وخاصة بعد اكتشاف جهاز المقايسة المناعية الذي يستخدم في قياس مستوى المناعة للأمراض المختلفة ولتشخيص هذه الأمراض وتشخيص نسبة الذيفات الفطرية المختلفة في مصل الدم وغيرها.

No comments:

Post a Comment