منظمات النمو
النباتي plant growth regulators أو الهرمونات النباتيـة phytohormones هي
مركبات عضوية طبيعية تنتجها النباتات، وتؤثر في عملياتها الاستقلابية والكيمياوية،
وفي أنشطتها الفيزيولوجية والمظاهر المختلفة لنموها. تتميز هذه المنظمات بأنها غير
نوعية non-specificالتأثير، إذ يُمكن لكل منها أن يتحكم بصفات عدة،
فمثلاً يؤثر الأوكسين auxin في تكوين الجذور ونموها، وسقوط الأوراق والثمار ونمو
الثمار اللابذرية والسيادة القمية في الأشجار المثمرة، كما تؤثر في أجزاء بعيدة من
نقاط تكوينها وبتراكيز ضعيفة جداً، وتصير مثبطة للنمو حينما تستعمل بتراكيز
مرتفعة.
تصنيفها وتراكيبها الكيمياوية ومصادرها
تصنف منظمات النمو
النباتي في مجموعتين كما يأتي (الشكل 1):
الشكل
(1) بعض المنشطات والمثبطات الهرمونية للنمو النباتي.
|
1ـ مجموعة منشطات النمو النباتي plant growth activators: تضم الهرمونات الطبيعية التي
تتكون خاصة في مراكز معينة في النباتات المختلفة، وهي: الأوكسينات، الجبريللينات،
السيتوكينينات، الإثيلين.
2ـ مجموعة مانعات
النمو النباتي plant growth inhibitors: تضم الهرمونات التي تتكون في
أعضاء خاصة من النباتات، وهي: حامض الأبسيسيك، والفينولات phenols.
- الأوكسينات: لفظة أوكسين مشتقة من اليونانية auxein؛ وتعني نمّا، وسمي هذا
الأوكسين هرمون النمو growth hormone. تتكون الأوكسينات عامة في
القمم النامية للنباتات وأوراقها وثمارها الفتية في أثناء تكوين البذور بعد مرحلة
العقد الثمري.
يعدّ حمض الإندول
الخلّي (الشكل 1) الأوكسين الطبيعي في النباتات، وقد أوضح العالم سكوغ عام 1937 أن
مصدر هذا الحمض هو الحمض الأميني تربتوفان tryptophan في
قمم الأعضاء الحديثة في النباتات، وتبين أن توافر عنصر التوتياء في النباتات ضروري
جداً لتكوينه.
تنتقل الأوكسينات
نحو المجموعة الجذرية والأجزاء السفلية للمجموعة الخضرية قطبياً، وذلك عبر خلايا
الأنسجة النباتية، أما في الأوراق والقمم الفتية للسوق فتنتقل عبر اللحاء، وفي
الأوراق الكاملة عبر الأنابيب الغربالية، وفي الجذور عبر الأسطوانة المركزية،
وتراوح سرعة انتقالها بين 5- 15مم/ساعة.
وقد تمكن العالم
كوغل Kogl منذ عام 1946 من عزل الأوكسين -C18H32O5)A) والأوكسين -(C18H32O4) B، والأوكسين المخالف heteroauxinللأوكسينين A وB. صيغته الكيمياوية C10H9O2N وتعد الأوكسينات مركبات مسؤولة عن زيادة النمو
والاستطالة الخلوية والعضوية وانقسام الخلايا وتمايزها وتكوين الجذور وأنسجة
الكالوس callus على البصل قيد التجذير. تستعمل رشاً بتركيزات منخفضة
جداً (أجزاء من المليون) على النمو الخضري للنباتات المختلفة، كما تؤثر في لزوجة
البروتوبلازم، وتشجع على جذب المواد الغذائية، ولاسيما السكريات والفسفور، كما تعد
من بين العوامل التي تسبب السيطرة القمية للنباتات على نمو البراعم الجانبية.
هنالك بعض
الأوكسينات الصنعية الأخرى وتأتي في مقدمتها: الأحماض الإندولية للأوكسينات، مثل
إندول حمض البيوتريك indole butyric acid
(IBA) وإندول حمض
البروبيونيك indole-propionic acid
(IPA)،
ثم الأحماض النفتالينية للأوكسينات، مثل ألفا وبيتّا نفتالين حمض الخليكnaphthalene acetic acid
(NAA)n،
وكلوروفينوكسي حمض الخليك الثنـائي والثلاثـي و(c2.4D وc2.4.5T) وهي مركبات غير أندولية.
ويعزى
التأثير المنشط للأوكسينات في الانقسام الخلوي إلى زيادة تكوين البروتينات والرنا
المرسال m-RNA والرنا الريباسي (الريبوسوم) بوجود الأنزيمات
المتخصصة؛ ولاسيما أنزيم بوليمراز الرنا RNA polymerase، وتؤدي الأوكسينات دوراً مهماً
في نسخ الصفات
الوراثية الموجودة في الرنا.
- الجبريللينات: تتكون في القمم
النامية للسوق والجذور وفي الأجنة والبذور والثمار الصغيرة، ولاسيما في الأوراق الفتية،
وذلك انطلاقاً من حمض الميفالونيك Mevalonic acid وبتدخل أنزيمات عدة
ومركَّبي الطاقوية nicotinamide adenine
dinucleotide phosphate (NADP) وadenosine triphosphate
(ATP)n.
تنتقل الجبريللينات
على نحو غير قطبي عبر اللحاء والخشب قبل بداية النمو
الربيعي وفي جميع الاتجاهات داخل النسج النباتية، وتبلغ سرعة انتقالها نحو 5
سم/ساعة، وهي تعادل سرعة انتقال المواد الغذائية في النباتات.
تُصنَّف
الجبريللينات في مجموعتين هما: مجموعة الجبريللينات ذات العشرين ذرة كربون،
ومجموعة الجبريللينات ذات التسع عشرة ذرة كربون؛ وتختلف فيما بينها تركيبياً
بمواقع جذر الهدروكسيل - OH على
ذرات الكربون، ويرمز للجبريللين GA3 مثلاً
بالصيغة المدرجة في الشكل 1.
تؤثر الجبريللينات
في الانقسام الخلوي على نحو غير مباشر، وفي استطالة الخلايا؛ إذْ تنشط الأنزيمات
التي تشارك في تكوين الأوكسينات والرنا في النوى وانتقاله إلى الهيولى الخلوية
والحد من تفكك الأوكسينات. كما تقوم بتكوين الأنزيمات الخاصة بتركيب (IAA)
indoleacetic acid وأنزيم
الأميلاز amylase المختص بهضم النشاء وتحويله إلى سكريات
بسيطة، وغيرها من أنزيمات عمليات الاستقلاب النباتي.
- السيتوكينينات: تنتشر في جميع
الأنسجة النباتية، وتكون مرتفعة التركيز في البذور والثمار والجذور. تُصنَّف في
فئتين هما: السيتوكينينات المتنقلة، تتكون في الجذور وتنتقل إلى القمم النامية في
المجموعة الخضرية عبر الأوعية الخشبية، والسيتوكينينات غير المتنقلة، كميتها ضئيلة
تتكون في مناطق تأثيرها في البذور والثمار في طور نضجها.
يرتبط تكوين
السيتوكينينات مباشرة باستقلاب الرنا، وقد أمكن عزل عدة سيتوكينينات طبيعية من
النباتات، منها الزياتين zeatine ذو النشاط التحريضي القوي في الانقسام الفتيلي mitosis الخلوي،
ومشتق الزياتين البلّوري النقي cis-zeatine والزياتين - ريبوزيد zeatine - riboside، وثبت أن بعض مركبات الزياتين
تدخل فـي تكوين الرنا المرسال t-RNA. وثمة سيتوكينينات مركبة
صنعياً (الشبيهة) مثل 6- بنزيل أمينوبيورين 6-benzyl- aminopurine (6
BAP)n الذي يستعمل كثيراً
في زراعة النسج
النباتية.
تؤدي السيتوكينينات
دوراً مهماً في الانقسام الخلوي؛ إذ إنها تنشط تكوين البروتينات والرنا وأحماض
نووية أخرى، وتشارك الأوكسينات مباشرة في الانقسام الخلوي، وفي التبادل الشاردي
المبدئي عبر الأغشية الخلوية، كما تساعد بعض الأنزيمات على تنشيط الاستقلاب. تتحول
في الأوراق إلى غلوكوز بعد تحللها السريع، وهي تُحافظ على حيوية النباتات مدة أطول
مؤخِّرة هرمها، وتتميز بقدرتها الكبيرة على تكوين براعم في الأنسجة غير المتمايزة
للكالوس، أو على الجذور، أو على أجزاء ساقية طردية أو أوراق، وغيرها. ويبدو أن
جملة محتويات الميتوكوندرياmitochondria في
الخلايا تتأثر بمعاملتها.
- الإثيلين :CH2 = CH2 يتكون الإثيلين في الثمار الناضجة عموماً أو التي في
طور نضجها، ويعتقد أن الحمض الأميني الميثونين acid methonine هو
مصدره الأساسي في النباتات؛ إذ يتحول فيها بوجود الأكسجين وبعض الأنزيمات إلى
إثيلين. وتجدر الإشارة إلى أن ثمة مركبات أخرى تشارك في تكوينه في النباتـات
بـدءاً من مثل بيتا حمض الألانين ß-alanine acid أو من propionic acid بوساطة الأنزيمات، مثل ترانسامينازtransaminase.
الإثيلين هرمون
غازي يتبع الفحوم الهدروجينية غير المشبعة، يسرع نضج الثمار، ويُسهم في انفصال
الغلاف الخارجي (القشرة) لبعض ثمار الجوزيات، مثل البيكان والجوز واللوز وغيرها،
ويُسبب ذبول أزهار القطف وتساقط أوراق الورود والعنب وغيرها، ويعجّل في
فقدان اليخضور الورقي وألوان الأزهار وفي سقوط بتلاتها في الأشجار المثمرة، ويثبط
نمو براعم البصل والبطاطا، ويشجع تكوين الجذور، ويحد من النمو الخضري في العنب حينما يستعمل
بتركيز مرتفع. ومن أهم مركباته التجارية: ايتريل etherel وفوسفون د phosphon D وإيتيفون ethephoneوتوماتريل tomathrel وتيرونيل theronell، وغيرها.
- حمض
الأبسيسيك (ABA): يتركز بكميات كبيرة في براعم
الأشجار المثمرة والبذور الساكنة في ثمارها، وفي الأوراق الهرمة. يُعدّ هذا الحمض
شبيهاً بالفيتامين (A)، وهو من مركبات الكاروتينات التي تدخل في تركيب يخضور chlorophyll الأوراق.
وتبين حديثاً أن حمض الميفالونيك mevalonic acid هو طليعة هذا الحمض، ويتحول إلى الفيولزانتين violazantin وثم
إلى الكسانتوكسين xanthoxene بوجود الأنزيمات والضوء؛ ثم إلى حمض الأبسيسيك.
ينتقل هذا الحمض من
مراكز تكونه إلى قمم الجذور والسوق عبر الأوعية الغربالية وبسرعة تقدر بنحو
20مم/ساعة، ومن أهم وظائفه تثبيط عمل الأنزيمات؛ مما يؤدي إلى توقف النمو النباتي.
وما يرتبط
بظاهرة التآثر فيما بين الهرمونات في النباتات، فقد قام العالم رايت Wright بدراسة
تبدلات نماذج البروتين والأنزيمات في جذور القمح في مراحل مختلفة لِنموها،
وتبين له أن استجابة الكوليوبتيل coleoptile للجبريللين GA3 والسيتوكينين
وإندول حمض الخلّ تختلف بحسب مرحلة النمو، ووُجد أنها تعمل وفق ثلاثة أوجه متخصصة
ومتناسقة فيما بينها: أولها هو الوجه المكبر لحجم الخلايا، وثانيها يخص الانقسام
الخلوي، وثالثها يخصّ الاستطالة الخلوية بتأثير (IAA). ويتحقق مثل هذا التأثير
حينما ترشّ معاً لا فرادى.
مجالات استعمال
منظمات النمو في الزراعة
يمكن إيجاز مجالات
استعمالاتها كما يأتي:
- في الإكثار
الخضري: تستخدم منظمات النمو لتجذير عقل عدد كبير من أنواع الأشجار المثمرة
والنباتات المختلفة وأصنافها، وذلك بتحضيرها على شكل محاليل مائية ذات تراكيز
مختلفة تراوح بين 100 و5000 جزء بالمليون، أو على شكل مساحيق تراكيزها بين 100
و200 جزء بالمليون، أو مراهم مع اللانولين تراكيزها بين 100 و500 جزء بالمليون.
ويعدّ إندول حمض البيوتيريك أفضل الأوكسينات المستعملة في تجذير العقل تجارياً
ويليه NAA، ثم IAA. كما تستعمل تجارياً وتجريبياً
في زراعة نسج نباتات كثيرة في المخابر المتخصصة.
- في تنشيط التحام
الأصل مع الطعم بمعاملة العقل أو الغراس المطعمة رشّاً أو دهناً بالأوكسينات (IBA أو IAA أو NAA) والسيتوكينين؛ وذلك بغية
زيادة فرص نجاح التطعيم عموماً.
- في تقوية نمو
المجموعة الخضرية في العنب والمشمش وغيره باستعمال
الجبريللين GA3، أو لتأخير بداية نمو البراعم
الزهرية والخضرية نحو 3 أسابيع أو لتثبيط نموها باستعمال مثبطات النمو كلورميكا
كلورور (CCC) chlorméquat chlorure والآلار
وحمض الأبسيسيك؛ إذْ تَحُدّ هذه المركبات من أطوال الطرود والأعناق الورقية وتخفض
المحتوى اليخضوري في الأوراق ومعدل التقليم الصيفي في أصناف كثيرة من الأشجار
المثمرة القوية النمو.
- في زيادة التفريع
الجانبي؛ وذلك بتنشيط نمو البراعم الجانبية والحد من السيادة القمية باستعمال
السيتوكينينات، ولزيادة تفرع الغراس فيالمشاتل أيضاً.
- للحدّ من نمو
الخلائف والطرود الشحمية على الأشجار المثمرة (تفاح وكمثرى وعنب وغيرها) باستخدام
الجبريللين GA3، ومن حدوث إزهار ثان متأخر قد
يعرض الأزهار للإصابة باللفحة النارية.
- في خف الأزهار
والعقد الثمري باستعمال المنظمات elegetol أو NAA على
التفاح والخوخ، أو أيضاً نفتيل أسيتاميد naphtyl acidamide NADوethephon ومورفاكتين morphactine وGA3 وغيرها.
- في عقد الثمار
وإنتاج الثمار البكرية في الكمثرى والجريب فروت والعنب والبرتقال والموز والأناناس والتين
وغيرها وذلك من دون الحاجة إلى التلقيح والإخصاب الزهري، وكذلك لمنع تساقط الثمار
وذلك باستعمال GA3 أو
2-4-5-TP أو NAA وغيرها.
- في تسريع نضج الثمار وزيادة حجمها
وقدرتها على التخزين؛ وذلك باستعمال هرمون الإثيلين الذي لا يؤثر في الثمار إلاّ
بعد اكتمال نموها الطبيعي، وتوافره بتركيز معين وحسب صنف الثمار؛ إذ يؤدي ارتفاع
تركيزه في أنسجة الثمار إلى تغيرات فيزيولوجية مهمة، مثل زيادة سرعة تنفسها وتركيز
مركباتها العطرية وتكثيف أصبغتها القشرية مما يسرع في إنضاجها.
كما يستخدم
الإيتيفون في إنضاج البندورة مبكراً ودفعة
واحدة؛ مما يساعد على تصريف مبكر للمحصول وإجراء القطف الآلي بالهزازات، ومن ثم
زيادة الريعية وتحسين النوعية. كما أمكن استخدام الآلة في قطف ثمار الفواكه، مثل
الكرز، والزيتون والخوخ؛ وذلك
باستعمال الإيتيفون قبل نضج الثمار بنحو 2- 3 أسابيع
وبتركيز يراوح بين 960 و1440 مغ/لتر ماء للزيتون وبين 180 و240 مغ/لتر للكرز.
- في إخراج البراعم
والبذار من طور سباتها،
وذلك بمعاملة البذور بالجبريللين أو السيتوكينين مما ساعد على تقليل مدة التنضيد
البارد، أو باستعمالها معاً من أجل الاستغناء عن عملية التنضيد الرملي المبرد.
- وما يتعلق
باستعمال مثبطات النمو على الأشجار المثمرة، فهناك عدد كبير من المركبات
الكيمياوية المستعملة على نطاق واسع، منهاamo 1618 والفوسفون
د والآلار وأملاح الهيدرازونيوم والمورفولينيوم، فعلى سبيل المثال لا الحصر أثبتت
الأبحاث أن استعمال محلول الآلار على النباتات البستانية المثمرة يؤدي إلى تأخير
نمو الطرود، أو إلى تقليل حجم الثمار وشكلها؛ وذلك حسب موعد الرشّ وتركيز المثبط.
كما تبين أن استعمال الماليك هيدرازيد يؤدي إلى منع إنبات البصل في أثناء خزنه،
ومن ثم إلى زيادة مدة خزنه والإقلال من نسبة تلفه.
وكذلك فإن
استعمال CCC أو
حمض الأبسيسيك يؤدي إلى زيادة قابلية النبات لتحمّل الجفاف وعدم تسريع ظاهرة
الشيخوخة في أنواع النباتات القمح والشعير والعنب والفاصولياء
والتفاح، كما يؤدي أيضاً إلى زيادة مقاومتها للبرد ومنع ضجعان نباتات القمح والشعير والشيلم وغيرها.
مخاطرها على
الإنسان والبيئة
منظمات النمو
النباتي مواد سامة، ولكنْ لها آثار إيجابية في العديد من الوظائف الحيوية النباتية
وتطبيقاتها العملية فيها، وقد تضرّ بصحة الإنسان والبيئة والحيوان والنبات، ومن
أهمها حدوث تسمم بالمواد الغذائية التي استخدمت فيها كميات كبيرة في إنتاجها، وقد
ثبت أن للعديد من الكيمياويات الزراعية والهرمونية تأثيرات سرطانية على الإنسان،
ولها أيضاً تأثيرات جانبية سيئة ـ مثل التشوهات الخلقية والأورام ـ ناجمة عن
تراكمها في أعضاء مختلفة من جسم الإنسان والحيوان طوال مدة طويلة لاستعمالها
بتراكيز عالية. وثمة دليل على أن التعرض للمواد الهدروكربونية المعالجة بالكلور قد
يسبب تغيرات غير عادية في نماذج موجات الدماغ.
تعمل المواد
المسرطنة المتوافرة فيها على تدمير الحمض النووي في خلايا الإنسان، وتهيئ الشروط
المواتية لبدء النمو السرطاني، ويزداد احتمال الإصابة بالسرطان في أثناء الانقسام
السريع للخلايا، ولاسيما عند الرضع والأطفال في سنّ 1-6 سنوات. وقد أشار بعض
العلماء إلى خطر هذه المركبات الكيمياوية على المخ والأعصاب وعلى استقلاب
الهرمونات الجنسية للفقاريات بما في ذلك الإنسان.
يلجأ العديد من
المزارعين في كثير من دول العالم النامي إلى استخدام الهرمونات في زراعاتهم
المختلفة لأغراض عدة؛ أهمها: إحداث التلقيح والإخصاب في الخضراوات في شروط بيئية غير
مناسبة، أو تحريض النباتات على تسريع نمو ثمارها وزيادة حجمها، أو للإسراع في نضج
المحصول أو تحسين مواصفاته اللونية لتكون أكثر جاذبية للمستهلك، وغيرها.
وقد يستخدم بعضهم
هذه المنظمات ومخصّباتها على نحو مفرط على بعض النباتات والأشجار المثمرة، مثل العنب والمانجو والبرتقال
والفريز والبطيخ وغيرها؛ وذلك للتبكير في نضجها وزيادة حجمها، ويؤدي ذلك إلى تغيير
في مذاقها وبنيتها وتماسكها وتسريع فسادها، وقد تحدث طفرات mutations فيها
تؤثر سلبيّاً في إنتاج السنوات اللاحقة؛ إضافة إلى زيادة مخاطرها على الإنسان،
ولاسيما عند استهلاك المنتجات الزراعية المعاملة هرمونياً بعد نضجها بمدة قصيرة لا
تسمح بتفككها كاملة. وقد تستدعي زيادة النمو والإنتاج حكماً زيادة التسميد الآزوتي إلى جانب
استعمال الهرمونات، ومن ثم التخوف من زيادة النترات التي يحصل عليها الإنسان
يومياً من الخضراوات؛ ولاسيما الورقية منها. ومن المعلوم أن النترات غير المستعملة
مباشرة في تكوين البروتينات في الخلايا والأنسجة يجري تخزينها في الخلايا والأنسجة
على حالتها الأصلية النتراتية والتي تتحول بالطهي إلى نيتريت يرتبط بالبروتينات
مكوِّناً مركبات مسرطنة عند المستهلك.
ازداد القلق في
كثير من الدول في شأن أمان اللحوم والألبان الناتجة من الحيوانات التي تعطى بعض
الهرمونات الصنعية أو حتى الطبيعية ومخصّباتها في علائقها لتسمينها، فحظرت دول
الاتحاد الأوربي والدول الاسكندينافية استخدامها؛ إذ إنها تؤدي إلى تغيير في
التوازن الهرموني الطبيعي عند الإنسان والحيوان، وزيادة تركيزها في لحومها
وحليبها. وقد نشطت مجموعات بشرية فـي هـذه الـدول لتشجيـع اللجـوء إلـى الـزراعة
العضوية organic agriculture التي تستبعد استخدام هرمونات النمو لتسمين الحيوانات
والستيروئيدات لتسمين الدواجن، إضافة إلى الإقلال من استخدام المبيدات المختلفة
بغية المحافظة على استدامة البيئة الآمنة وتحسين الإنتاج نوعاً وكمّاً؛ وليكون
أكثر أماناً على صحة الإنسان؛ لهذا السبب فقد منعت هذه الدول استيراد اللحوم الأمريكية المنشأ؛
لأن الولايات المتحدة الأمريكية تسمح باستخدام هرمون النمو في إنتاجها.
وتجدر الإشارة إلى
الاتجاه العالمي نحو تحرير التجارة الدولية والذي يجسد في اتفاقية الجات (الغات)
ومنظمة التجارة العالمية والعولمة، ويعني ذلك فتح الأسواق المحلية في الوطن العربي
أمام المنافسة الحرة فيما يتعلق بجودة المنتجات الزراعية وأسعارها وخلوها من
الملوثات الهرمونية والكيمياوية؛ مما يفرض ترشيد استخدام منظمات النمو وتفعيل دور
منظمة الأغذية والزراعة في ضبط الإتجار
بها؛ إذْ ثمة قوى خفية تدفعها مصالحها الخاصة وحرصها على الربح السريع إلى الإتجار
بها سرّاً وتسريبها إلى البلدان النامية تحت أسماء وعلامات تجارية زائفة وملفقة؛
متعمدة عدم ذكر تركيب منتجاتها التجارية ودرجة سميتها واسم بلد المنشأ والشركة
المصدرة وغيرها من البيانات المهمة التي ينبغي أن تشملها وثائق التصدير
والاستيراد. ولابدّ من وضع استراتيجية متكاملة تحت المراقبة الشديدة من قبل حكومات
الدول النامية؛ وإيقاف التنافس المحموم بين الشركات على ترويج منتجاتها في هذه البلدان
ومنع استعمالها داخل الدفيئات الزجاجية واللدائنية بتراكيز مرتفعة رشّاً على
النباتات أو مدخلة في تركيب الأسمدة الورقية والأرضية المستعملة، مما يؤدي إلى
الإضرار بالبيئة. وتسّوغ هذه الشركات دوافعها إلى أن العالم الثالث الجائع بحاجة
ماسة إليها في معركته ضدّ المجاعة وزيادة السكان.
ولحماية المستهلك
من الآثار المتبقية للهرمونات لابدّ من القيام بعمليات تحليل لها ومراقبة آثارها
في المحاصيل الزراعية سواء المستخدمة غذاءً للإنسان أم أعلافاً حيوانية، وذلك في
أثناء نضجها، وضرورة التأكد من مدى أمانها، وأن تعامل هذه المواد معاملة المواد
المخدرة، وأن تشدد الرقابة الحكومية على إنتاجها وتداولها والحدّ من استعمالها
والإتجار بها، وأن يقتصر ترخيص بيعها على الجهات المختصة في وزارات الزراعةوالاقتصاد
والتموين والصحة، وأن توقع عقوبات صارمة على المخالفين، إذْ إن غياب الضوابط يؤدي
إلى سوء استعمالها؛ وذلك رشّاً مباشراً كما هو حادث منذ بضع سنوات في سورية وكثير
من البلدان العربية والنامية. ولابدّ من الرقابة المشددة على استعمالها.
هشام قطنا
|
No comments:
Post a Comment